وضعت منظمة الأمم المتحدة، قبل أعوام، “القضاء على الجوع” ضمن الأهداف التي يجب على الدول العمل على تحقيقها قبل عام 2030، واليوم، عادت المنظمة لتطلق صيحة تحذير من أن هذا الهدف لم يتحقق مشيرة بالأرقام إلى زيادة عدد الجوعى في العالم.
وفي مؤتمر ما قبل قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية المقررة في سبتمبر، كشف مسؤولون كبار حجم المأساة التي يعاني منها ملايين الأشخاص خاصة بعد تفشي جائحة كورونا، ودعوا إلى ضرورة تبني مقترحات من أجل حل هذه المشكلة.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قال في كلمته أمام المؤتمر الذي بدأ في روما، الاثنين، بمشاركة نحو 100 دولة، إن ما يصل إلى 811 مليون شخص واجهوا الجوع، في عامأ 2020، بزيادة 161 مليون شخص عن عام 2019.
وفي إشارة إلى الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، أوضح الأمين العام للمنظمة أن ثلاثة مليارات شخص لا يستطيعون تناول الطعام الصحي أيضا.
وقال: “نحن بعيدون جدا عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030”.
الأمين العام في كلمته سلط الضوء على أن “الفقر وعدم المساواة في الدخل وارتفاع تكلفة الغذاء” عوامل مسؤولة عن هذه العلل، وكيف أن تغيّر المناخ والصراعات كانت “عواقب ومحركات لهذه الكارثة”.
وقال إن الإنتاج الغذائي العالمي غير الفعال هو السبب الجذري للارتفاع الهائل في الجوع، وكذلك في ثلث الانبعاثات و80 في المئة من فقدان التنوع البيولوجي.
نائبة الأمين العام، أمينة محمد، أيضا سلطت الضوء على الكيفية التي أدت بها الجائحة إلى عكس مسار الجهود نحو التنمية المستدامة، إذ تشير أحدث بيانات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 100 مليون شخص قد دفعوا إلى براثن الفقر منذ بداية الأزمة الصحية العالمية.
منظمة مكافحة الفقر “أوكسفام” كانت قد قالت إن 11 شخصا يموتون من الجوع كل دقيقة، وأكدت أن عدد الذين يواجهون ظروفا شبيهة بالمجاعة في جميع أنحاء العالم قد زاد ستة أضعاف خلال العام الماضي.
وفي تقرير بعنوان “فيروس الجوع يتكاثر”، قالت المنظمة إن عدد الوفيات من المجاعة يفوق عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19، الذي يقتل حوالي سبعة أشخاص في الدقيقة..
وفي مارس الماضي، حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن المجاعة قد تصبح “جزءا من واقع اليمن” في عام 2021، بعدما تعهد مؤتمر للمانحين توفير أقل من نصف الأموال اللازمة لمواصلة عمل برامج المساعدات.
وفي إقليم تيغراي في إثيوبيا، يلوح في الأفق شبح المجاعة، فبحسب الأمم المتحدة، هناك أكثر من 400 ألف شخص “تجاوزوا عتبة المجاعة” كما أن 1.8 مليون شخص آخر على شفا المجاعة، و33 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وقال القائم بأعمال مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة، راميش راجاسينغهام، إن الوضع الإنساني في تيغراي “ساء بشكل كبير” مع زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون المجاعة.
والمؤتمر، الذي سيمهد الطريق لمؤتمر الأمم المتحدة في سبتمبر، يجمع بين مختلف الجهات الفاعلة من جميع أنحاء العالم “للاستفادة من قوة النظم الغذائية لتحقيق تقدم في جميع أهداف التنمية المستدامة الـ17″، وفق موقع الأمم المتحدة.
ويجمع المؤتمر، الذي تستضيفه حكومة إيطاليا في الفترة من 26-28 يوليو، مندوبين من أكثر من 100 دولة لإطلاق مجموعة من الالتزامات الجديدة.
وتقول المنظمة الأممية عن هدفها المتمثل في القضاء على الجوع إنه “مع وجود أكثر من ربع مليار شخص يحتمل أن يكونوا على حافة الوقوع في مجاعة، يتعين اتخاذ إجراءات سريعة لتوفير الغذاء والإغاثة الإنسانية للمناطق الأكثر عرضة للخطر”.
وفي الوقت ذاته، هناك حاجة لتغيير عميق لنظام الغذاء والزراعة العالمي في سبيل توفير الغذاء لأكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع علاوة على 2 مليار شخص إضافيين سيزداد سكان العالم بهم بحلول عام 2050، وفقا للأمم المتحدة.
ما هي مسارات العمل لتحويل إنتاج الغذاء؟
ومسارات العمل الخمسة أولها هو ضمان حصول الجميع على طعام مأمون ومغذ.
والمسار الثاني هو التحول إلى أنماط الاستهلاك المستدامة من خلال زيادة طلب المستهلكين على الأغذية المنتجة بشكل مستدام، وتعزيز سلاسل القيمة المحلية، وتحسين التغذية، وتشجيع إعادة استخدام الموارد الغذائية وإعادة تدويرها.
والثالث هو تعزيز الإنتاج ذي الأثر الإيجابي على الطبيعة، من خلال استخدام الموارد البيئية على نحو أمثل في إنتاج الأغذية ومعالجتها وتوزيعها، ما يحد من فقدان التنوع البيولوجي والتلوث واستخدام المياه وتدهور التربة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
والرابع هو تعزيز سبل العيش المنصفة ما يساهم في القضاء على الفقر بتعزيز العمالة، والحد من المخاطر التي تتعرض لها الفئات الأفقر في العالم، والتصدي لعدم المساواة في إمكانية الحصول على الموارد وتوزيع القيمة.
أما الخامس يتمثل بـ “بناء القدرة على صمود النظم الغذائية المستدامة في مواجهة الصدمات والضغوط في المناطق المعرضة للنزاعات أو الكوارث الطبيعية، وكذلك حماية الإمدادات الغذائية من آثار الأوبئة”.
وللمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17، قالت نائبة الأمين العام: “لا يوجد حجم واحد يناسب الجميع. يجب أن نعمل من دولة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، لضمان معالجة تنوع الاحتياجات لدعم كل واقع”.
وتؤكد أن اجتماع روما الذي تستضيفه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) تُتاح له الفرصة “لدفع التقدم” في تنفيذ خطة عام 2030، من خلال الاتفاق على المواقف بشأن الحلول المستدامة، قبل قمة النظم الغذائية في نيويورك في سبتمبر.
وتابعت: “من خلال خطة عام 2030، نتفق على تغيير عالمنا. لا يمكننا القيام بذلك إلا من خلال العمل معا”.عربي ودولي